رحب القطار السريع الذي يبلغ طوله 450 كيلومترًا، والذي يربط بين المدن السعودية الرئيسية مكة والمدينة وجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية (كيك)، بالركاب لأول مرة خلال عيد الفطر المبارك. المحطات الأربع الواقعة على طول الطريق - والتي صُممت كمداخل لكل مدينة - مستوحاة من التقاليد المعمارية القديمة في المنطقة، وتوفر ملاذًا مظللًا من الشمس مع إنشاء عمود فقري (بنية تحتية رئيسية) جديد للنقل المستدام في المملكة العربية السعودية.
تتبنى محطات القطار السريع نهجًا معياريًا في البناء، حيث تشترك جميع المحطات الواقعة على طول الطريق بعناصر تصميمية مشتركة. تشبه الأعمدة والأقواس الفولاذية أشجارًا هيكلية قائمة بذاتها تتكرر على شبكة مربعة وتتصل لتشكل سقفًا مقببًا مرنًا، مستوحى من الأعمدة التي نجدها في العديد من المباني التقليدية في المنطقة. وتتميز الأقبية في كل محطة بلون مختلف، يعكس هوية المدينة التي تخدمها.
صُممت محطات القطار السريع لاستيعاب ما يصل إلى 20,000 مسافر في الساعة الواحدة خلال ذروة التشغيل. لذلك، يتبع ترتيب المساحات اتجاه حركة المسافرين، ويساعدهم على التنقل داخل المحطات بشكل حدسي، مع تغييرات قليلة في المستويات. توفر المساحات الداخلية ملاذًا من حرارة الصحراء. يحتوي السقف المقبب والجدران على فتحات صغيرة تدخل أشعة ضوء النهار إلى مستوى القاعة، مما يوفر تحكمًا دقيقًا في وهج الشمس الشديد ويخلق بيئة هادئة وجذابة ومضاءة جيدًا. كما تتدلى ثريات كروية بين الأقواس لتوفير إضاءة موجهة، توفر توسط بين حجم السقف ومستوى القاعة وتبرز إيقاع البنية.
واجه مشروع القطار السريع تحديًا رئيسيًا تمثل في تنفيذ تصميم وبناء المحطات بشكل منفصل تمامًا عن أعمال البنية التحتية ومد خطوط السكة الحديد. لذلك، تم تصميم المحطات مع وضع خطة لسير العمل بشكل يسمح باستمرار الأعمال المدنية بشكل متوازٍ.
ولم يقتصر تفكير مهندسي المشروع على التشغيل والمرونة الهيكلية فحسب، بل اهتموا أيضًا بتوفير وصلات سلسة مع شبكات النقل الأخرى داخل المدن، خاصةً مع مترو جدة - الذي صممته أيضًا شركة فوستر وشركاه - وكذلك مع التطورات العمرانية المحيطة بالمحطات.
صرح أنغوس كامبل، الشريك الرئيسي في شركة فوستر وشركاه، قائلًا: "قمنا بتصميم المحطات الأربع باتباع نهج موحد واستراتيجية إرشادية سهلة الاستخدام عبر الشبكة بأكملها. تستند المحطات إلى وحدة قياس مشتركة تبلغ مساحتها 27 مترًا مربعًا تضم السقف والقاعة والرصيف، وهي مرنة بما يكفي لإعادة تكوينها لتناسب محطات العبور والمحطات النهائية على حد سواء، كما تسمح أيضًا بتوسعة المحطات استجابةً لمتطلبات الركاب المتغيرة."
يضع مشروع القطار السريع الحرمين "الاستدامة" على رأس أولوياته. فتصميم مباني المحطات يعتمد على مبادئ خفض درجة الحرارة المحسوسة؛ حيث تنخفض درجة الحرارة المحيطة تدريجيًا من خارج المحطة إلى الرصيف دون الحاجة إلى التبريد الميكانيكي طوال الوقت. وداخل المحطة، يتم الحفاظ على درجة حرارة تبلغ 28 درجة مئوية، بينما تحتوي الأرصفة على مراوح كبيرة وأجهزة رش تساعد على إبقاء المنطقة باردة.
كما تساهم "المشربيات" التي تغلف الواجهات الزجاجية في خفض درجة حرارة الداخل، مع السماح برؤية محدودة خارجه.
وتم تصميم المحطات لاستيعاب الطلب المتزايد على المسافرين، من 60 مليون راكب متوقع في البداية إلى 135 مليون راكب سنويًا. ومع القطارات التي تسير بأقصى سرعة 300 كيلومتر في الساعة، سيقل وقت السفر بين مكة والمدينة إلى ساعتين و 20 دقيقة فقط. وستبدأ العمليات بـ 35 قطارًا يمكن كل منها نقل ما يصل إلى 417 راكبًا.