فلسفته وتوجهاته:

يعتبر أحد أعظم المهندسين المعماريين لسنوات إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية في فرنسا، حيث ترك بصمته في المباني والمرافق العامة في مرسيليا موطنه الأم، وفي باريس وكل من الجزائر وإيران.

كان من أوائل المعماريين الذين تحدثوا عن العمارة المستدامة، كما أنه أخذ بعين الاعتبار العمارة العامية وما فيها من حِرف ومواد بناء محلية وعادات السكان، وجعلها أساساً في منشآته ومبانيه، مع محاولة دمجها مع الوسط الطبيعي أو المشهد الحضري. هذا ما جعل عمارته ذات طابعٍ جميلٍ منسقٍ تتخلله البساطة والانسجام.

أكثر ما يميز عمارته هو تناسق الكتل والفراغات بنسبٍ منسجمةٍ واندماجها في الموقع، بالإضافة إلى استغلاله للمواد النبيلة خاصةً في المباني السكنية.  

‍

أهم السمات التي تميز مبانيه في الجزائر:

اعتمد بويون في عمارته على أسسٍ دقيقةٍ واضحةٍ مستنبطةٍ من العمارة المحلية لمنطقةٍ معينةٍ، مع إضفاء لمسته الخاصة عليها، وكونه دائماً يبحث عن استمراريةٍ تاريخيةٍ في المباني التي يشيدها، والنتيجة: مبنى متوازنٌ، منسجمٌ، تتخلله البساطة مع الاندماج المحقّق مع بيئته، وهذا ما تم تشييده بالفعل في فرنسا، الجزائر وإيران من مبانٍ سكنيةٍ ومنشآتٍ فندقيةٍ وتعليميةٍ وثقافيةٍ.

1/ في العمارة السكنية:

والتي كانت نقطة بداية مشواره المهني، فقد اهتم بويون كثيراً بالمباني السكنية وأبدع في تصميمها، حيث تميزت بالبساطة المحققة للتوازن الكتلي والانسجام الفراغي، يضاف إليه الاندماج المميَّز مع البيئة لإنتاج مبانٍ فريدةٍ من نوعها.

نذكر كمثال: ديار المحصول في الجزائر العاصمة،1954-1953، التي تتكون من 19 مبنىً ذات ارتفاعٍ متوسطٍ من خمس طوابق، برجٍ بارتفاع 20 طابق في مكان السوق، مدرسةٍ، كنيسةٍ، مصرفٍ ومتاجر.

في المجموع النهائي نجد 1550 مسكناً تنقسم إلى مجموعتين:

القسم الشمالي الذي يقع في بوابة العاصمة ويسمى بمنطقة الراحة القياسية وهو موجهٌ إلى السكان الأوروبيين.

القسم الجنوبي وهو أبعد من القسم الشمالي ويسمى بمنطقة الراحة البسيطة وكان موجهاً إلى السكان العرب.

ومن هنا نستنتج أن بويون أخذ بعين الاعتبار ثقافة وتاريخ السكان الذين تم توجيه هذه المباني السكنية إليهم، فصمم ما يناسب الفكر الأوروبي وبالمقابل قام بتصميم ما يتناسب مع السكان العرب.

‍

أهم سمات مباني بويون في العمارة العالمية:

تأثرت عمارة بويون بشكلٍ عميقٍ بالسياق الفيزيائي والجغرافي وكذلك الثقافي، حيث كان اهتمامه منصباً على العمارة التقليدية، وكيفية إظهار الامتداد التاريخي والثقافي للمبنى، واعتبر أيضاً أنّ وحدة الهيكل لا تنفصل عن وحدة العمارة فيما يتعلق بمواد البناء، واختياره الأساسي للحجارة.

من أهم السمات التي برزت بوضوح في عمارة بويون:

• الصرامة في التنقية والتقشف في الأشكال بحيث لا توجد عناصرٌ ليست لها ضرورةٌ معماريةٌ.
• العمارة المستدامة.
• الجدولة والمركزية والتناظر.
• استخدام النوافذ عمودياً.
• مزج الثقافات المعمارية باستخدام أساليب وأنماطٍ معماريةٍ مختلفةٍ.
• التعبير البلاستيكي لأنظمة البناء.
• العمارة الحسية التي تعبّر عنها أعمال النحت المستخدمة في المباني.
• جودة الفضاءات العمرانية.

نذكر كمثال:

• مبنى الإقامة سالمسون، فرنسا
• المبنى السكني لاثوغات، مارسيليا،1946-1953

أشهر مقولاته وكتبه:

من أشهر ما قال بويون:

• "... لقد وضعت دائماً العمل المعماري في خدمة الإنسان والروح الاجتماعية والاقتصاد. لطالما اعتقدت أن احترام الأسعار وجودة البناء جعل من الممكن تحقيق هدفين: الأول هو إتاحة الوصول إلى رفاهية العيش بأقل دخلٍ، والثاني لضمان الحفاظ على الأحياء المتطورة وبالتالي تجنب تشرد العقارات السكنية الكبيرة التي تم الحديث عنها عدة مرات في السنوات الأخيرة ..."
• "كلما كان السكن أكثر تواضعاً، يجب أن تكون الهندسة المعمارية أكثر ضخامةً".
• رهان بويون: "ابن المزيد، في وقتٍ أقل...".
• "عملت كنحاتٍ أكثر من كوني مهندسًا معماريًا، حاولت إنشاء منحوتةٍ على نطاقٍ ضخمٍ".

من أشهر كتبه التي ذاع صيتها:

• Pouillon, F.1968, Mémoires d’un architecte, Paris, éditions du Seuil, 480p
• Pouillon, F., 1964, Les pierres sauvages, Paris, éditions du Seuil, 271p. 
• Pouillon, F., Marrey B., 2011, Mon ambition, Editions du Linteau, Paris.

استحق المعماري فرناند بويون شهرته وصيته اللذين ما كانا ليكونا لولا تلك القيم والأسس التي ميزت عمارته رغم بساطتها، وضوحها وجماليتها، فما تركه من مبانٍ كان له الأثر الواضح في النسيج العمراني والجودة الثقافية والتاريخية في الجزائر وفي كل مدينةٍ حطت أنامله الإبداعية فيها.

‍

2/ في العمارة الفندقية:

كون الجزائر بلدٌ يقع على البحر الأبيض المتوسط، فقد تعاقبت عليه العديد من الحضارات (الرومانية، العثمانية، الأندلسية، الفرنسية، ...)، جعلته غنياً بالتنوع الثقافي الذي انعكس أيضاً على عمارة هذا البلد، مما جعل بويون يفتح أبواب الإبداع في مشاريعه، لذلك فقد تميزت هذه المشاريع بالمرجعية المعمارية المتعددة الثقافات، وباعتماده فيها على النحت حيث قال:" عندما لمست هذا البرنامج السياحي الجزائري، في مناخ أحبه لأنني متوسطي، وعندما رأيت ما يمكن فعله، غيرت الطبيعة في التخلي التام عن إطار كل ما هو خطي في التصميم إذا أردت، لقد عملت كنحات أكثر من مهندس معماري، فهناك أشياء لا يمكن رسمها على شكل هندسي بل يجب نحتها كنموذج ".

نذكر أمثلة على ذلك:

• ‍فندق القرن الذهبي، تيبازة، 1971
• فندق سفير مازفران، زرالدة
• فندق الزيانيين، تلمسان،1970
• فندق الساورة، تاغيت،1971