"أحاول التّأكّد من القيام بشيء يضفي نوعاً من الهالة على الفضاء ووجوده".
كوراي دومان مهندسٌ معماريّ ذو أصولٍ تركيّةٍ، مسجّلٌ في ولاية نيويورك وتركيا، تحصّل على بكالوريوس هندسة معماريّة من جامعة الشّرق الأوسط التّقنيّة بأنقرة، ثمّ واصل دراسته في كلّيّة الدّراسات العليا للهندسة المعماريّة والتّصميم الحضري بجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، ليتخرج منها بدرجة ماجستير في الهندسة المعماريّة. يتميّز دومان برغبته في استثمار التّحدّيات الاجتماعيّة، الثّقافيّة والبيئيّة لمحيطنا المعمور واكتشاف استراتيجيّاتٍ مبتكرةٍ في الممارسات المعماريّة.
مسيرته المهنيّة:
بعد تخرّجه، التحق كوراي دومان بفريدريك فيشر للتّدرب تحت إشرافه طيلة خمس سنواتٍ بلوس أنجلوس، حيث سبق وأن كان مهندساً معماريّاً رائداً في العديد من مشاريع متاحف السّاحل الغربيّ. انتقل بعدها إلى نيويورك حيث شارك في تأسيسSayighDuman Architectsعام 2009 والّتي أصبحت بدورها شركة B-KD في 2013. كان دومان رئيس لجنة التّدريب الجديدة للمعهد الأمريكيّ للمهندسين المعماريّين AIA في نيويورك، عضو مجلس إدارة مركز كلمنتي وعضو مجلس القيادة في معهد فان ألين. كما قام أيضا بالتّدريس في مدرسة برات للدّراسات العليا للهندسة المعماريّة ، نيو سكول و معهد رينسلار للفنون المتعدّدة RPI. حاليّا هو زميلٌ في منتدى التّصميم الحضريّ وفي المجلس الاستشاريّ للجمعيّة الأمريكيّة للنّهوض بالمسلمين ومنظمة البروتوسينيما.\
مؤسّسة BüroKoray Duman:
استوديو تصميم وهندسة معماريّة قائم على البحث، يقدّم كوراي مجموعةً كاملةً من الخدمات المعماريّة، من مفهوم التّصميم إلى إدارة البناء، مع فريق من ثمانية مهندسين معماريّين بدوام كامل. يتمّيز عمل الاستوديو بالشّموليّة في الأنماط والمقاييس (مشاريع سكنيّة، تجاريّة، مؤسّساتيّة...) كما يظهر تفانيه في خلق فضاءات إبداعيّة للتّبادل الثّقافيّ.
أبرز مشاريعه:
- المركز الثّقافيّ الإسلاميّ:
قرطبة هاوس، أول مركزٍ اجتماعيٍ متعدّد الأديان برعاية المسلمين في مدينة نيويورك، يشغل مساحةً مجموعها مئة ألف قدمٍ مربعٍ والّتي تتضمّن فضاءات للطّهي، الفنّ، التّعليم، البيع بالتّجزئة، والمكاتب، حيث تتمثل الغاية منه في تسهيل الاندماج الكامل للمسلمين الأمريكيّين عن طريق تعزيز التّغيير التّصاعدي والتّعايش الدّيني والتّبادل الثّقافي.
قام فريق B-KD بأبحاث حول المراكز الثّقافيّة الإسلاميّة التّاريخيّة (Kulliyes) وكذا الدّينيّة المعاصرة (JCC,YMCA…)فاستلهموا منها فكرة "المنظر العمودي" وخلق مساحاتٍ مفتوحةٍ، شفّافةٍ وترحيبيّةٍ. يطوّق هذا المنظر العمودي الأحجام الصّلبة المكدّسة بالدّاخل، الّتي نُحتت من خلالها الأحجام العامّة (قاعة الاحتفالات، المكتبة والمعارض...). تمّ توجيه قاعدة المبنى نحو مكّة المكرّمة حيث تتواجد -بمساحاتٍ كبيرةٍ- غرفة الصّلاة والقاعة متعدّدة الاستعمالات، كما حدّد مكان فضاءات الوجهة أعلى المركز، ما جعل الطّوابق المحصورة بينهما مخصّصة للبرامج العامّة. يلتفّ الغلاف الدّاخلي للمركز مع ارتفاعه ليوائم شبكة مانهاتن.
جناحٌ عائمٌ مؤقّتٌ تمّ تصميمه للاحتفال بالذّكرى الثّلاثين لتأسيس المعهد الثّقافي الفنلندي في نيويورك نظراً لاشتراك ثقافتي السّاونا الفنلندية مع الحمام التّركي. هدف هذا المشروع اكتشاف طرقٍ جديدةٍ للتّواصل الاجتماعي حول المياه في الواجهة البحريّة لمدينة نيويورك.
يتكوّن الهيكل من جدارين متشابكين، أوّلهما يشكّل منصة هبوطٍ من الرّصيف لاستقبال الضّيوف والّذي يؤدّي إلى غرفة واسعة تتوسّطها فتحتان، إحداهما سطحيّة ٌوالأخرى أرضيّةٌ كاشفةٌ للمياه محاطةٌ بمنطقة للجلوس حولها دون أيّ اتّصالٍ مرئي بمناظر المدينة. أمّا الجدار الثّاني فيقود المغادرين إلى الرّصيف ليبدأ بالتّفكك ويعطي لمحةً عن المدينة.
تعاقد كوراي مع مؤسّسة الفنّان ريتشارد برنس لتطوير خطّةٍ رئيسيّةٍ لمساحة 250 فداناً من الأرض في المنطقة الشّمالية لنيويورك والّتي تضمّنت ما لزم من المباني والمنشآت الجديدة. كانت بداية المشروع مبنىً واحداً يشغل مساحة تخزينٍ فنّيّةٍ قدّرت بـ 5000 قدمٍ مربعٍ حيث يتكوّن من فضاءٍ رئيسيٍ مفتوحٍ لتخزين الفنون وغرفةٍ ميكانيكيّةٍ صغيرةٍ في الخلف. يقع وسط الحظائر الموجودة، حيث تمّ إنشاء ممرّ جديدٍ يسمح بسهولة وصول الزّوار واستيعاب شاحناتٍ تسليم الفنون الكبيرة. يهدف التّصوّر إلى الحفاظ على شعور "السّير في الموقع" وشقّ طريقك من حظيرةٍ إلى أخرى لزيارة جميع المرافق وتأمّل المناظر الجميلة.
استخدمت تقنيّات البناء السّلبي لتوفير التّدفئة والتّبريد ويركّز تصميم المبنى على الاهتمام بالتّفاصيل، إذ يضمّ قنوات تصريفٍ معدّلةٍ وأبواباً معدنيّةً مخصّصةً ذات نظام انزلاقٍ في الجزء الأمامي، بالإضافة إلى حواجز معدنيّة في الجزء الخلفي للغرفة الميكانيكيّة.
هيكلٌ ضخمٌ تمّ تصميمه من أجل إنشاء نظامٍ بيئيٍ متكاملٍ يؤثّر إيجاباً على الجوانب الماليّة والثّقافيّة والبيئيّة عن طريق طمس الحدود بين ثنائيّات (المبنى/المنظر الطبيعي) و (الشّكل/الأرض) و (الإنتاج/الاستهلاك).
تسمو الأرض مشكّلةً سطحاً متواصلاً وقابلاً للسّكن، مع هياكل السُّقُف الخضراء والحدائق الصّالحة للأكل بالإضافة إلى منحدرات للمشاة وسائقي الدّراجات، الّتي بدورها تسمح بالوصول المباشر إلى كل طابقٍ من الخارج حيث توجد وحداتٌ خاصةٌ بالطّلبة وأخرى للمسنّين ومختلف المساحات المشتركة(ساونا، مطبخ، فضاءات لتناول الطّعام والقراءة..) لتوفير التّواصل الاجتماعي. كما خُصّص الطّابق الأرضي لجمعيّةٍ تعاونيّةٍ للمنتجات المحليّة ومحاصيل الحدائق المتواجدة فيسطح المبنى. تقع الأقسام التّجاريّة والاجتماعيّة في المنطقة الشّماليّة، أمّا المنطقة الجنوبيّة فتحتوي على مطعم للخدمة.
يعتبر نظام المشروع ذو استدامة ذاتيّة حيث تُوجّه الحرارة المنتَجة من السّاونا إلى البيوت الزّجاجيّة، وتستخدم المياه الرّماديّة ومياه العواصف لريّ الحدائق الصّالحة للأكل والاستحمام حيث تتبخّر وتتكثّف مكوّنة مياه نقيّة
اهتمامه بالفنّ:
عُرف كوراي دومان عند البعض بكونه مهندس الفنّانين الشّباب وأصحاب المعارض، وذلك لاعتقاده أنّ هنالك صلة قرابة بين الفنّانين والمهندسين المعماريّين معلّلا ذلك بهوسهم بالتّفاصيل وعدم السّماح بتجاهلها.
طيلة مسيرته المهنيّة قام دومان بتجميع قائمة عملاء غنيّة بالفنّانين وأصحاب المعارض، كما تميّزت صالات العرض المصمّمة من طرفه بسماتها الخاصّة، إذ يرى وجوب الموازنة بين القيود المكانيّة وكيف يُنظر إلى المعرض . وعلى هذا نذكر لكم بعضاً من أعماله الّتي أضحت ثمرة إضافيّة لنهج دومان المجتمعي في عالم الفنّ:
تمّ إعداد المعرض داخل مبنىً تاريخيٍّ من الدرجة الثانية في اسطنبول، تتدلّى اللّوحات على الجدران الجصيّة المتحللة بفضل قضبانٍ معدنيةٍ رفيعةٍ معلقةٍ بين إطارات الأبواب الخشبية. لوحاتٌ أخرى كبيرةٌ عُلّقت على أعمدةٍ معدنيةٍ لوضع الأعمال المعاصرة. وُفّرت أيضا قاعة مطالعةٍ للزوار بتصميم طاولة قراءة أمام المدفأة الأصلية للمبنى.
- معرض بوب سميث: الفنّ يبقى شاهدا على الحياة:
عُرض فيه 25 صندوقاً يمتلكه الفنّان، 15 منهم تمّ إنشاؤهم في الثّمانينات كردّ فعلٍ على أزمة الإيدز، عُلّق بعضها بعنايةٍ في الجدران والبعض الآخر وضع - بصفة تسمح للزّوار برؤية الجوانب الأربعة للصّناديق -على قواعد مخصّصةٍ من الفولاذ المقاوم للصّدأ صمّمها الاستوديو استيحاءً من طاولات سميث لعرضه الخاصّ في فرنسا 1968.
قُسّمت المساحة الأصليّة إلى أربعة أقسامٍ مختلفةٍ وذلك بضمّ صندوقين من الخشب الرقائقي إليها، أحد هذين الصّندوقين عُيّن كمكتبٍ مركزيٍ مفتوحٍ احتوى على طاولةٍ كبيرةٍ لمباشرة المحادثات بين الزّوار وموظّفي المعرض.والثّاني كمعرض عرضٍ خاصّ وجزءٍ خلفيٍ من المنزل. هذه العناصر حدّدت المساحتين الرّئيسيّتين للعرض، معرضٌ صغيرٌ عند المدخل وآخرٌ أكبر في المنتصف. رُفعت جدران المعرض من الأرض وأُسقطت من السّقف لخلق حوارٍ بين الهيكل الموجود والجدران البيضاء.